في يومه الثاني.. مهرجان الرياض للمسرح يواصل حضوره الإبداعي

واصل مهرجان الرياض للمسرح في دورته الثالثة، الذي تنظمه هيئة المسرح والفنون الأدائية، حضوره الثقافي والفني في يومه الثاني، عبر برنامج متنوع من العروض المسرحية والفعاليات المصاحبة، قدّم من خلالها قراءات إنسانية وفنية عميقة، عززت من تفاعل الجمهور مع التجارب المسرحية، ضمن أجواء إبداعية احتضنها مركز المؤتمرات بجامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن، حيث تتواصل فعاليات المهرجان حتى 22 ديسمبر الجاري.

وشهد اليوم الثاني استكمال البرامج التدريبية من خلال ورشة عمل متخصصة حول الفضاء المسرحي والسينوغرافيا، قدّمها الأستاذ محمد جميل، استعرض خلالها نماذج تطبيقية وأمثلة بصرية تناولت العلاقة بين التكوين السينوغرافي والبنية الدرامية، ودور العناصر البصرية في بناء المعنى وتعزيز التأثير الفني لدى المتلقي.

عنصر فاعل

ركّزت الورشة على توظيف الفضاء المسرحي بوصفه عنصرًا فاعلًا في السرد الدرامي، يتجاوز كونه إطارًا بصريًا، مع تقديم قراءات عملية لتجارب مسرحية مختلفة، أسهمت في إثراء النقاش حول السينوغرافيا كأداة تعبيرية تسهم في تكثيف الدلالات وبناء المشهد المسرحي، بما يدعم تطوير أدوات الممارسين والمهتمين بالفن المسرحي.

وضمن العروض المسرحية، قُدمت مسرحية «يوتوبيا» لفرقة نوته، من تأليف وإخراج الأستاذ والدكتور نعمان كدوه، التي تدور أحداثها داخل مصحّة نفسية تضم مجموعة من النزلاء، في طرح درامي يكشف تناقضات النفس الإنسانية، ويقدّم الاضطرابات النفسية كحالة شاملة تطال جميع الشخصيات، بما في ذلك الطبيب والممرض، في مفارقة درامية تتقاطع مع استعداد العالم للاحتفال بـ«يوم الأرض» بوصفه رمزًا لجودة الحياة النفسية والمادية.

فكرية عميقة

أعقب العرض تقديم قراءة نقدية للمسرحية قدّمها الناقد عايض البقمي، تناول فيها البناء الدرامي وأساليب المعالجة الفنية والرمزية، وما يطرحه العمل من تساؤلات فكرية عميقة حول الإنسان ونفسيته، مشيرًا إلى نجاح العرض في توظيف العناصر المسرحية لخدمة رسالته الإنسانية والفكرية.

وفي سياق العروض ذاتها، قُدمت مسرحية «التعطيل»، التي تروي قصة خالد، رجل في أوائل الأربعينيات تتدهور حالته الصحية بعد إصابته بمرض السرطان، في عمل إنساني يناقش مفاهيم القدر والموت والحرية، ويطرح تساؤلات وجودية حول معنى الحياة حين تتحول إلى انتظار قاسٍ ومصير معلّق.

قراءة نقدية

قدّم الناقد ناصر العمري قراءة نقدية للعمل، توقف خلالها عند المعالجة الدرامية للنص وأبعاده الإنسانية وبنائه السردي، مسلطًا الضوء على كيفية توظيف الحدث والشخصية في طرح الأسئلة الوجودية التي تشكّل جوهر العمل.

كما تخللت فعاليات اليوم عروض أدائية قصيرة قُدمت داخل موقع المهرجان، أسهمت في خلق أجواء تفاعلية وحيوية، وعززت من حضور الجمهور ومشاركته في التجربة المسرحية.

ويأتي مهرجان الرياض للمسرح ضمن الجهود الرامية إلى تنشيط الحراك المسرحي المحلي، وتعزيز حضور المسرح في المشهد الثقافي، واكتشاف المواهب ودعم الفرق المسرحية، بما يسهم في تطوير المشهد الثقافي بالمملكة، انسجامًا مع مستهدفات رؤية السعودية 2030.