أدوات عمرها قرن تخرج من المخازن لتروي حكاية ”القمبار“ بالقطيف


نَفَض الحرفي والهاوي لصيد السمك حسن الداوود، الغبار عن أدوات صيد تراثية كانت قابعة في المخازن وصناديق الذكريات، وذلك خلال مهرجان الروبيان لتعود إلى الواجهة حاملة معها عبق موروث بحري يمتد لأكثر من 100 عام، يُعرف محلياً بـ ”القمبار“.
وقال: “تقف هذه الأدوات والوسائل العتيقة اليوم شاهدة على حقبة زمنية ثرية، مؤكدًا، أن الأهالي لا يزالون يحتفظون بها بعناية فائقة، لا باعتبارها مجرد جمادات، بل كرواة لتاريخ الساحل الشرقي، بانتظار الضوء الأخضر الرسمي لعودتها إلى مياه الخليج”.
ووثق الداوود عبر هذه المقتنيات رحلة تطور مذهلة عاشها الصياد القطيفي، فمن ”الشعلة“ البدائية التي كانت توقد لإنارة عتمة البحر قديماً، انتقل الآباء لاستخدام ”المشعل مع الفانوس“، ثم ”الليت أبو شمعتين“، وصولاً إلى الكشافات الضوئية الحديثة، في تسلسل زمني يحكي قصة التكيف والابتكار.
وأضاف: “لم يتوقف التاريخ عند وسائل الإضاءة، بل تروي أدوات القنص ذاتها فصولاً من الحكاية، فبعد أن كان (الصاخوب) هو السلاح الرئيسي للصياد، حل مكانه (الكيسة) أو (الطبقة)، لتستقر المهارة الحرفية أخيراً عند أداة الصيادة التي ما زالت تحتفظ برونقها وفعاليتها حتى اليوم”.
وأشار إلى أنه حتى أوعية حفظ الصيد لم تكن بمنأى عن هذا التطور، فمن ”الإجراب“ و”القفة“ و”المرحلة“ المصنوعة يدوياً من خوص النخيل، انتقل الصيادون لاستخدام الأوعية المعدنية ”التنك“، وانتهاءً بأداة ”السحاب“، لتبقى هذه الأدوات وثيقة مادية ملموسة تربط الجيل الجديد بحياة البحر القديمة.
ميزة تراثية بيئية
وولفت إلى أن طريقة ”القمبار“ تتميز بكونها إرثاً بيئياً فريداً، حيث يصفها الخبراء بأنها وسيلة ”صديقة للبيئة“ بامتياز، إذ تخلو تماماً من الصيد العرضي الذي يهدد الكائنات البحرية، وتعتمد على موسمية دقيقة وأوقات ”الجزر“ لاقتناص أنواع محددة من الأسماك مثل ”الوحر، الصافي، الخوفع، والحاسون“.
وبين أن مزاولو هذه المهنة، وغالبيتهم من الهواة وكبار السن، يرون أن هذه الأدوات ليست للعرض المتحفي فقط، بل هي جاهزة للعمل لتدخل البهجة في النفوس، وتمثل فرصة سانحة لتحويل هذا الموروث إلى منتج سياحي جاذب كما فعلت بعض دول الجوار، فضلاً عن كونها باب رزق للأسر ذوي الدخل المحدود.
وتابع نأمل حالياً بتذليل العقبات وتسهيل الإجراءات النظامية لإعادة إحياء هذا الموروث الشعبي، والسماح لهذه الأدوات التاريخية بأن تغادر المخازن لتمارس دورها الطبيعي في البحر، معيدة رسم لوحة تراثية غابت طويلاً عن شواطئ المنطقة الشرقية.
نبض السعودية ، موقع إخباري شامل يهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري بما يليق بقواعد وقيم الأسرة السعودية، لذلك نقدم لكم مجموعة كبيرة من الأخبار المتنوعة داخل الأقسام التالية، الأخبار العالمية و المحلية، الاقتصاد، تكنولوجيا ، فن، أخبار الرياضة، منوعات و سياحة.
